التفكير الأخلاقي والسلوك الإجرامي

  • نوري محمد الحجاجي كلية الآداب جامعة غريان

Abstract

يُمثل التفكير الأخلاقي المهارات وعمليات التفكير ومجموعة من السلوكيات التي يمكن تَعلمها خلال التنشئة الاجتماعية, وينطوي عليها التأمل والتريث في اتخاذ القرارات, والنظر في عواقب أي سلوك أخلاقي يصدر منه, وأن اتخاذ القرارات الصائبة يعتمد على الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية, وعلى التفكير الأخلاقي, ومدى التزام صاحبه بمنهجية واضحة في التفكير الذي ينسجم مع العادات والتقاليد والقيم والمعايير السائدة في مجتمعه؛ والذي به يمكن الحكم إذا كانت الشخصية سوية أو منحرفة, ويعتبر الاهتمام بنمو التفكير الأخلاقي ضرورة ملحة ومطلبًا أساسيًا للوصول إلى قرارات أخلاقية سليمة, فضعف الذكاء الأخلاقي وعلته وتجمده أو فشله يؤدي إلى انحرافات يومية , فالتفكير عملية سابقة لك سلوك سوي أو إجرامي, فإذا كانت أنماط تفكير الفرد سلبية للغاية أو غير واقعية عندها يحدث التفسير الخاطئ للمواقف وتنشئ المشاعر السلبية, التي قد يتكون معها السلوك الإجرامي, فعلى المجرم تغير أنماط تفكيره السلبية ليتغير سلوكه الإجرامي.

من خلال ما سبق طرحه, كانت إشكالية الدراسة التي تمثلت في محاولة الوقوف على مدى قوة العلاقة بين اعتلال وضعف وفشل التفكير الأخلاقي وبين السلوك الإجرامي وارتكاب الجريمة, وذلك من خلال حالة من عدم السواء في أخلافية المسؤولية الاجتماعية والتي ينطوي عليها اتخاذ قرارات غير صائبة لا تتماشى مع القوانين والعادات والتقاليد وثقافة المجتمع في مواقف معينة دون النظر في عواقب أي سلوك أخلاقي, فالقيم والأخلاق مكملان لبعضهما البعض, والذكاء الأخلاقي ما هو إلا علاقة بين التفكير الأخلاقي والسلوك الأخلاقي, فالبناء الشخصي للفرد يبقى ضعيفًا ومفككًا وعاجزًا عن التكيف إن لم يكن مقرونًا بالبناء الخلقي, ولتناول هذا الموضوع اعتمد المنهج الوصفي التحليلي, لقد تناولنا في هذه الدراسة أهميتها وأهدافها ومفهوم التفكير الأخلاقي, وتعريفاته, وخصائصه, والعوامل المؤثرة فيه, وعرض بعض الدراسات السابقة, والتدرج الهرمي للتفكير الإجرامي, وأنماط التفكير الإجرامي, وعرض النظريات المفسرة للتفكير الأخلاقي, والمفسرة لأنماط التفكير الإجرامي. والخاتمة.

وفي الختام ومن خلال ما تم طرحه في الإطار النظري وما جاء في نتائج الدراسات السابقة؛ أكدت هذه الدراسة والعديد من الدراسات السابقة وخاصة الدراسات التجريبية التي تم عرضها, إلى أن السلوك الإجرامي لا يمكن أن ينشئ لوحده بمعزل عن أنماط التفكير السلبية, وأن أنماط التفكير المعادية للمجتمع من أقوى العوامل المنبئة بالتورط المستقبلي في النشاط الإجرامي, كمــا بينت الدراسات والأبحــاث علم النفس الاجتماعـــــي إلى أن الأفراد الذين يتبنون مفهوم التفكير الإجرامي معرضون بشكل أكبر لخطر الانخراط في الجريمة بجميع أنواعها, كما أوصت بأهمية العلاج المعرفي السلوكي كعامل وقائي من السلوك الانحرافي وذلك من خلال تعديل أنماط التفكير الإجرامي لدى الجناة, وأوصت بإعطاء المجرم فرصة لتغيير تفكيره ونمط حياته ومكانته الاجتماعية, من أجله ومن أجل أمن واستقرار مجتمعه, فعلى المجرم أن يراجع معتقداته وفرضياته وأن يدرك مشكلاته التي أوصلته إلى الجريمة, وذلك من خلال تطوير وعيه الذاتي وأن يقبل مسؤولية أفعاله السلوكية, عندها يتعلم صنع القرارات الصائبة السليمة اجتماعيًا وأخلاقيًا.

Published
2023-12-02
Section
Articles