الثقافة العربية والإسلامية تجاه التطرف الديني
Abstract
إن الحديث عن الثقافة العربية والإسلامية لا ينفصم بالضرورة عن الحديث عن الهوية العربية الإسلامية، التي تمتلك في جوهرها مجموعة من المقومات الثقافية والتاريخية واللغوية والتراثية، تؤهلها لمواجهة المتغيرات العالمية الراهنة التي أوجدت أشكالًا جديدة من التهديدات الموجهة لدول العالم العربي والإسلامي، وأحد أشكال التهديد بث بذور التطرف والإرهاب التي تنبع من عوامل متداخلة ومتشابكة ومعقدة، يأتي في مقدمتها، التعصب الأعمى الذي غلب على كثير من الفوضويين، فالمتعصب هو الذي يصر على انتصار عقيدته على عقيدة الآخرين، ويلجأ إلى الاستعانة بوسائل العنف والإرهاب لتدمير عقيدة هؤلاء الآخرين.
ومصادر التهديد الداخلية والخارجية، سواء التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول، أو الاختراق القائم لحدود الدولة الإقليمية لم يعد قاصرًا على التدخل العسكري المباشر؛ بل إنه اختراق اقتصادي وتكنولوجي يتجاوز الحدود الإقليمية المعروفة، ولا يمكن أن يتحقق إلا مع توافر عوامل داخلية مساعدة ومتفاعلة معه.
وينضاف إلى تحديات الدول العربية والإسلامية: الأمية، وانتشار الجهل بها، والاستخدام الخاطئ للثورة التكنولوجية الحديثة، والتغريب، والغزو الفكري الذي يبث سمومه في الفكر…كل هذه العوامل المتداخلة كانت – وتمثل – وأدًا للنهضة في مخاضها، وعرقلة حقيقية للبناء الحضاري الذي تنشده المجتمعات العربية والإسلامية؛ للتخلص من مراحل الانحطاط والتخلف، والوصول إلى النهضة الحقيقية، ومنافسة الدول المتقدمة في المجالات كافة.
كما أنّ الفهم المغلوط للمفاهيم الصحيحة دون إدراك لأبعادها وتدبر لمآلات النصوص الشرعية، وفقه السياسة، وفلسفة التاريخ، ثم الحرص على اجتزاء النصوص وبترها من سياقاتها، وتفريغها من مضامينها ودلالاتها بسطحية شديدة، يشكل خطراً على الوعي الحضاري للشباب، ونقضا للبناء الثقافي والاجتماعي والسياسي للمجتمع على اختلاف طبقاته وأطواره.
لذا فالثقافة هي المنقذ من الضلال والانحراف والإرهاب والراديكالية، وهي الحصن الذي يلوذ إليه المتمدن لطرد هواجس أدعياء الوطنية، ومرددي الشائعات والأكاذيب، بل هي ثورة على معتنقي أفكار الرجعية والعنف الدموي، وتمثل –أيضاً-بارقة أمـــــل وخارطة طـــريق لتصحــــيح المــــسار لأولئك الذين يعيشون فــــي غيبوبة عقلية، مستمدين فكرهم المغشوش من مصادر خداعة وهلامية، محاولين إثارة النعرات والشكوك، وإيراد الناس موارد الشر والهلاك.
